المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء يناقش مستقبل الإفتاء ومخاطر التحيزات الرقمية بشكل شامل

الذكاء الاصطناعي وصناعة الإفتاء: تحديات وفرص في المؤتمر العالمي العاشر لدار الإفتاء المصرية
شهد المؤتمر العالمي العاشر لدار الإفتاء المصرية، الذي حمل عنوان “صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي”، جلسة علمية مثمرة سلطت الضوء على التحولات العميقة التي تطرأ على مجال الإفتاء بفعل تقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وقد جمع المؤتمر كوكبة من علماء الشريعة والخبراء الدوليين لتعزيز الحوار حول التفاعل بين الفتوى التقليدية والآفاق الرقمية المتاحة اليوم.
توظيف الذكاء الاصطناعي في الإفتاء
ناقشت الدكتورة حكيمة شامي، الباحثة المغربية، قضية توظيف الذكاء الاصطناعي في مجال الإفتاء، مشددة على أهمية دور “المفتي الرشيد” في توجيه مخرجات التكنولوجيا بما يتوافق مع الأصول الشرعية. وحذرت من التحيزات الرقمية التي قد تؤدي إلى تحريف معنى الفتوى، مؤكدة على ضرورة أن تكون الفتوى صادرة من اجتهاد إنساني، وليس مجرد استجابة آلية.
تحديات الفتوى في العصر الرقمي
طرحت الدكتور حكيمة عدة تساؤلات حول قدرة المفتي الرشيد على مواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي، مثل تأثير الخوارزميات على عدالة الفتوى وضرورة الحفاظ على التعددية الفقهية. ودعت إلى الحاجة الملحة لضبط العلاقة بين التحليل الفقهي والتقنية الحديثة لضمان استمرار الفتوى كأداة توجيه وهداية.
الشروط اللازمة لإعداد المفتي الرشيد العصري
من جهته، أكد الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد على ضرورة توافر شروط معينة في من يقوم بالإفتاء، مثل الوعي بلغة العصر والمعرفة بعلم أصول الفقه والتاريخ والحديث. وأوصى بإعداد جيل من المفتين قادر على التفاعل مع مستجدات العصر، من خلال تطوير المناهج الدراسية وتدريب المفتين على المهارات اللازمة لفهم واقع الناس.
أهمية الإفتاء المؤسسي في عصر الذكاء الاصطناعي
أبرز الدكتور محمد عبد السلام كامل أبو خزيم أهمية الإفتاء المؤسسي في توفير إطار منهجي للإجابة عن التحديات الجديدة التي تطرأ على الإفتاء نتيجة الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أن الفتاوى المتعلقة بالذكاء الاصطناعي لا تزال نادرة، مما يستدعي تكثيف الجهود لتوظيف هذه التقنية في تطوير العمل الإفتائي.
التحول الرقمي في دار الإفتاء المصرية
وعلى صعيد آخر، أكدت الدكتورة ابتسام مرسي على أهمية الانتقال إلى منصات فتوى ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ولكن تحت إشراف بشري. وأشارت إلى أن ذلك سيساهم في تعزيز الاستقرار الفكري والديني في المجتمعات المسلمة، مطالبَةً بتطوير البنية التقنية الخاصة بالمنصات الرقمية لزيادة فعالية الاستخدام.
ختامًا
لا يمكن إنكار أن الذكاء الاصطناعي يحمل في طياته إمكانيات هائلة، لكنه يحتاج إلى موازنات دقيقة مع القيم الشرعية. إن التعاون بين التقنية والاجتهاد البشري سيكون مفتاح النجاح في صناعة الفتوى في العصر الحديث، مما يضمن تيسير الأمور ويعزز من إيمان المجتمعات وقيمها.