لجنة التحقيق فى أحداث الساحل السورى: الانتهاكات كانت واسعة لكن ليست منظمة .. ووثقنا سقوط 1469 شخصاً

أعلنت لجنة التحقيق الخاصة، المُكلفة بالتحقيق في أحداث الساحل السوري مطلع مارس/آذار، أنها حددت هوية 298 شخصًا يُشتبه في تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأشارت إلى أنها وثّقت مقتل 1469 شخصًا، بينهم 90 امرأة. وذكرت أن من وُصفوا بـ”فلول النظام السابق” قتلوا 238 عنصرًا من قوات الأمن.
في مؤتمر صحفي عُقد يوم الثلاثاء، أشارت اللجنة إلى أن تقريرها النهائي أشار إلى أن هذه الانتهاكات لم تكن منسقة ضمن إطار موحد، بل اتسمت بتصعيد عشوائي. وأكدت أن الدوافع كانت في الغالب طائفية، وليست أيديولوجية، وذكرت أنها صنّفت بعض الانتهاكات على أنها “قتل متعمد للمدنيين”، بالإضافة إلى حالات موثقة من النهب والحرق والإساءة اللفظية والتعذيب.
قال رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث الساحل القاضي جمعة العنزي إن اللجنة أنجزت تقريرها في الموعد المحدد ورفعته لرئيس الجمهورية.
في السادس من مارس/آذار، اندلعت اشتباكات مسلحة في المناطق الساحلية السورية (غرب البلاد) إثر هجمات شنّها مسلحون موالون للأسد على دوريات الأمن العام. قُتل نحو 200 جندي. ثمّ أرسلت السلطات تعزيزات كبيرة من وزارة الدفاع وقوات الأمن إلى اللاذقية وطرطوس لملاحقة الجماعات المسلحة. استمرت العمليات ثلاثة أيام على الأقل، لكنها اتسمت أيضًا بهجمات على المدنيين. ووُجّهت اتهامات إلى “فلول النظام” والمجموعات غير المنضبطة.
من جانبه، صرّح المتحدث الرسمي باسم اللجنة، المحامي ياسر الفرحان، بأن اللجنة اعتمدت في أداء مهامها على الرصد والتحقيق والتحقيق العام في الاعتداءات والانتهاكات المرتكبة ضمن نطاق اختصاصها في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، كما درست أحداث مطلع آذار وما بعدها بشكل تسلسلي وموضوعي، وبحثت في الظروف والملابسات التي أدت إلى وقوعها.
وأوضح أن اللجنة “زارت 33 موقعًا، وعاينت مواقع الحوادث، وعاينت المقابر والمدافن المختلفة. وقدمت ملاحظاتها بحضور المخاتير والزعماء الدينيين وعدد من ممثلي العائلات”.
وتابع: “على الصعيد الميداني، عقدت اللجنة عدة لقاءات مع عشرات الشخصيات البارزة في كل مدينة، واستمعت إلى شهادات من أفراد العائلات في جلسات منفصلة، وتم تسجيل 938 شهادة، منها 452 تتعلق بالقتل، و486 تتعلق بالسطو المسلح والسرقة وحرق المنازل والمحلات التجارية، أو التعذيب”.
وأضاف: “كما استمعت اللجنة إلى 23 إحاطة وشهادة من مسؤولين في الجهات الرسمية، واستجوبت المتهمين المقبوض عليهم، واتخذت الإجراءات اللازمة لتسليمهم للعدالة”.
وأشار الفرحان إلى أن اللجنة “أجرت مشاورات مكثفة مع الهيئات الدولية المعنية في الأمم المتحدة، من خلال اجتماعات رفيعة المستوى مع الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية، ورئيس وأعضاء وفريق لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ومكتب المبعوث الخاص إلى سوريا، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية. وناقشت اللجنة في اجتماعاتها ومراسلاتها آليات وضع أفضل الأساليب والمعايير والإجراءات الممكنة للتحقيق”.
وذكر أن اللجنة استندت في استنتاجاتها إلى الشكوك لا إلى الأدلة القاطعة التي تُعرض عادةً في المحكمة. ولتجنب الضرر، لم يكشف عن أسماء المشتبه بهم. وأشار إلى أنه حجب أسماء بعض الشهود خوفًا من كشف أسمائهم.
وتابع: “لقد اطلعت اللجنة على المعلومات والوثائق والتقارير وأقوال الشهود والأدلة المادية والرقمية، واستندت في استنتاجاتها على الأحكام التي توصل إليها أعضاؤها خلال فترة أربعة أشهر محددة بمدة ولايتها، بما في ذلك التمديد الممنوح من قبل رئيس الجمهورية”.
قال الفرحان إنه في السادس من مارس/آذار، نفذت المجموعات التي وصفها بـ”الفلول” “سلسلة عمليات عدائية واسعة النطاق. واستخدمت أسلحة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة، فهاجمت مقرات للجيش والأمن العام وحواجز أمنية ودوريات تابعة لها، وقطعت طرقًا رئيسية، ووفقًا لنتائج اللجنة، قتلت 238 شابًا من قوات الأمن والجيش في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة”.
وأضاف الفرحان: “قُتل بعض عناصر الأمن بعد أن ألقوا أسلحتهم في إطار مفاوضات بوساطة وجهاء. وقُتل آخرون أثناء جرحهم وتلقيهم العلاج. وقُتل آخرون في الأسر. ودُفن آخرون في مقبرة جماعية على يد الناجين”.
وذكر أن “بقايا” التنظيم هاجمت طرقًا عامة ومستشفيات، مما أدى إلى تعطيل ستة منها، كما قتلت عددًا من المدنيين السنة. واستند ذلك إلى معلومات توافرت لدى اللجنة، والتي لم تتمكن من جمعها وفقًا لمعاييرها.
وأوضح أن اللجنة حددت ما يسمى بـ”البقايا” على أنها بقايا مجموعات مسلحة منظمة مرتبطة بنظام الأسد السابق وخارجة عن قوانين وشرعية الدولة.
صرح المتحدث باسم اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل أن اللجنة حددت هوية 265 “مشتبهًا محتملًا انضموا إلى جماعات مسلحة متمردة محظورة مرتبطة بنظام الأسد، يُشار إليها عادةً باسم “بقايا النظام”، والذين لدى اللجنة شكوك معقولة في تورطهم في جرائم وانتهاكات خطيرة”. استندت النتائج إلى شهادات من عائلات الضحايا والسكان المحليين ومسؤولين حكوميين، بالإضافة إلى سجلات استجواب المعتقلين وتحليل الأدلة الرقمية وغيرها.
المصدر: وكالات