كيف ولماذا تراجع أداء أتلتيكو مدريد في النصف الثاني من الموسم؟

شهد أتلتيكو مدريد تحولاً جذرياً لموسم 2024-25. كان الفريق في السابق منافسًا قويًا على لقب الدوري الإسباني، لكنه الآن يكافح من أجل التأهل للمنافسة الأوروبية.
كان أتلتيكو مدريد في صدارة الدوري الإسباني في منتصف الموسم، لكنه صعد إلى المركز الثالث مع اقتراب الموسم من نهايته.
ويأتي هذا التراجع المفاجئ نتيجة لمجموعة من العوامل الرياضية والإدارية التي أثرت بشكل كبير على أداء الفريق واستقراره.
وفي هذه المقالة سنناقش أسباب هذا التراجع بالتفصيل، مع أمثلة واضحة وملموسة.
تراجع الأداء في النصف الثاني من الموسم
وشهد أتلتيكو مدريد، الذي أنهى النصف الأول من الموسم في الصدارة برصيد 44 نقطة، تراجعا في الأداء في النصف الثاني وجمع 23 نقطة فقط من 45 نقطة في 15 مباراة لعبها حتى الآن، ليتراجع إلى المركز الثالث.
الإصابات والإرهاق البدني
ومن أبرز أسباب تراجع أتلتيكو مدريد الإصابات المتكررة للاعبيه الأساسيين، ما أثر على تماسك الفريق واستقراره.
على سبيل المثال، كان المدافع روبن لو نورماند خارج تشكيلة الفريق في المباريات الحاسمة بسبب ارتجاج في المخ، وهو ما ترك خط الدفاع بلا دفاع.
كما غاب القائد كوكي عن مباريات حاسمة بسبب المشاكل البدنية التي عانى منها طوال الموسم، وهو ما حرم فريقه من خبرته القيادية.
وبينما ترددت أنباء عن عدم قدرة رودريجو دي بول على اللعب في خط الوسط بسبب إصابة عضلية، فإن الخيارات التكتيكية للمدرب دييغو سيميوني أصبحت محدودة بسبب تعرض كليمنت لينجليت لإصابة مماثلة.
ولم يقتصر هذا الإرهاق البدني على الإصابات، بل تجلى أيضا في ضعف أداء اللاعبين في المباريات الأخيرة بسبب جدول المباريات المزدحم.
انخفاض الأداء في المباريات الحاسمة
أثرت نتائج أتلتيكو مدريد السلبية المتتالية في المباريات الحاسمة سلباً على معنويات اللاعبين وثقتهم بأنفسهم.
وخسر الفريق 4-2 بركلات الترجيح أمام ريال مدريد بعد التعادل 2-2 في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، ليودع الكأس.
وبعد خسارته أمام برشلونة 4-2 في الدوري الإسباني، رغم تقدمه 2-0 حتى الدقيقة 72، خرج الفريق أيضا على يد برشلونة في نصف نهائي كأس ملك إسبانيا.
ولم يتمكن الفريق من تحقيق الفوز حتى أمام فرق أقل قوة. على سبيل المثال، خسروا أمام ليجانيس 1-0، وتعادلوا مع فياريال وسيلتا فيجو بنفس النتيجة (1-1)، ثم خسروا 2-1 أمام خيتافي.
وكشفت هذه النتائج السلبية في المباريات عن ضعف عقلية الفريق وقدرته على مواجهة الضغوط.
أداء ضعيف خارج أرضه
يقدم فريق أتلتيكو مدريد أداءً سيئًا خارج أرضه هذا الموسم.
وبعد خسارته أربع مباريات من أصل 17 مباراة خارج أرضه في الدوري الإسباني وتعادله في ست مباريات، تراجعت فرص الفريق في المنافسة.
وكانت هذه النتائج السلبية خارج أرضنا انعكاسا لضعف في الشخصية الجماعية للفريق.
مشكلة انهاء الهجمات
ورغم امتلاك أتلتيكو لمهاجمين موهوبين مثل جوليان ألفاريز وألكسندر سورلوث، إلا أنه عانى من خلق فرص سهلة.
عندما أهدر ألفاريز ركلة جزاء حاسمة في مباراة دوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد، اهتزت ثقته بنفسه وتحطمت معنويات الفريق بأكمله.
بدأ سورلوث الموسم بقوة لكن أداءه تراجع في النصف الثاني من الموسم.
وقد أدى هذا الانخفاض في الفعالية الهجومية إلى عدم قدرة الفريق على حسم المباريات حتى ضد الفرق الأضعف.
عدم الاستقرار التكتيكي
اشتهر المدرب دييغو سيميوني بنظامه الدفاعي الصلب، ولجأ باستمرار إلى التغييرات التكتيكية هذا الموسم لإيجاد حلول في الهجوم، ولكن هذه التعديلات كان لها تأثير معاكس.
وبينما استخدم سيميوني طريقة اللعب التقليدية 4-4-2 في بعض المباريات، لجأ في مباريات أخرى إلى طريقة اللعب 3-5-2، وهو ما تسبب في فقدان اللاعبين للاستقرار التمركزي.
ولعب نجم الهجوم الجديد للفريق، جوليان ألفاريز، أحيانًا كمهاجم وحيد وأحيانًا أخرى كشريك لسورلوث، وهو ما أثر سلبًا على الانسجام بين الاثنين.
وبحسب موقع ” لاليغا إكسبيرت “، فإن سيميوني أشرك كوكي أيضًا في مركز الجناح الأيمن الذي لم يكن مناسبًا لقدراته، ما يعني أنه لم يتمكن من المساهمة بقدر ما يحتاج إليه في الهجوم.
انخفاض الدعم الشعبي
احتج مشجعو نادي أتلتيكو مدريد، وخاصة مجموعة “فرينتي أتلتيكو”، على سوء إدارة النادي ونتائجه السيئة.
وفي بعض المباريات، غادر المشجعون أرض الملعب لدعم فرقهم، فيما تم إغلاق بعض المدرجات في ملعب ميتروبوليتانو كعقوبة على هذه الأحداث.
غياب الجماهير، الذي كان يُنظر إليه على أنه أحد أهم أصول أتلتيكو مدريد، تسبب في إحباط اللاعبين، خاصة في المباريات التي يحتاج فيها الفريق إلى دعم الجماهير أكثر من أي وقت مضى.
نقص الاستثمار في بناء العقود
ورغم إضافة مهاجمين مثل جوليان ألفاريز وألكسندر سورلوث إلى تشكيلته، إلا أن أتلتيكو مدريد لم يتمكن من توفير التعزيزات الكافية في بعض المراكز الحاسمة.
إن عدم دعم خط الدفاع بلاعبين من الطراز الرفيع جعل الفريق يعاني في غياب لاعبيه الأساسيين.
كما اعتمد النادي على لاعبين شباب مثل بابلو باريوس، الذي كان لاعباً موهوباً لكنه كان يفتقر إلى الخبرة في المباريات الكبيرة.
الاعتماد على لاعبين عديمي الخبرة في اللحظات الحاسمة أثر على توازن الفريق.
إن انزلاق أتلتيكو مدريد من لقب الدوري الإسباني إلى كأس أوروبا ليس مصادفة، بل هو نتيجة لمجموعة معقدة من العوامل التي أثرت على الفريق على الصعيدين المحلي والدولي.
من الإصابات إلى الإرهاق، ومن التغييرات التكتيكية غير المنتظمة إلى الافتقار إلى الاستثمار في الانتقالات، كل هذه العوامل ساهمت في تراجع الفريق.
لكن مع بقاء دييغو سيميوني في منصبه، فإن أتلتيكو مدريد لديه الفرصة لإعادة البناء واستعادة الأمور إلى مسارها الصحيح في الموسم المقبل؛ بشرط بالطبع أن يتم حل هذه المشاكل بشكل فعال.