مؤتمر الإفتاء العاشر يشدد على أهمية استخدام التكنولوجيا في تطوير مجال الفتوى

مؤتمر الإفتاء العاشر: دمج الذكاء الاصطناعي في الفتوى
عقدت الجلسة العلمية الثالثة خلال فعاليات مؤتمر الإفتاء العاشر اليوم، حيث تم تناول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الفتوى بشكل موسع. تجاذب الحضور أطراف النقاش حول تجارب مؤسسات الفتوى في توظيف هذه التقنيات الحديثة لخدمة البيئة الدينية.
فرص وتحديات الذكاء الاصطناعي في الفتوى
قدم الدكتور أيمن عبد المؤمن عبد العظيم، استشاري نظم المعلومات بمشيخة الأزهر، عرضاً يعالج موضوع “الذكاء الاصطناعي التوليدي والمعلومات الإسلامية”. وأكد خلال بحثه على أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون سلاحاً ذا حدين، حيث يوفر فرصا كبيرة، مثل تنظيم المعرفة وخدمة التراث. في المقابل، حذر من المخاطر الكبيرة المتعلقة بعدم الدقة والتحيز التي قد تصاحب نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية.
بينما أشار إلى ضرورة أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة تحت إشراف العلماء، بدلاً من أن يكون بديلاً عنهم، حيث يظل فهم السياق الإنساني ضرورياً لإصدار الفتوى.
إطار منهجي لتوظيف الذكاء الاصطناعي
قدّم الدكتور أيمن مجموعة من الركائز الأساسية لوضع إطار منهجي يضمن الاستخدام الآمن لتقنيات الذكاء الاصطناعي في المجال الإفتائي. ومن هذه الركائز، ضرورة وضع أسئلة محددة، والاستعانة بالذكاء الاصطناعي في توليد مسودات مبدئية، وإجراء التقييم النقدي لحماية المخرجات من الهلاوس والتحيز.
كما اقترح إنشاء منصة “الفتوى الذكية” التي تدعمها مراجعة بشرية لتأكيد الشفافية والمصداقية، بالإضافة إلى خطة شاملة لرقمنة التراث الفقهي وتوحيد قواعد البيانات الشرعية.
تحيّز خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على الفتوى
من جانب آخر، قدم الأستاذ الدكتور أحمد محمد بيبرس بحثاً بعنوان “معالجة تحيّز خوارزميات الذكاء الاصطناعي”. حيث أكد أن الفتوى تعود إلى العلماء فقط، وأن الأنظمة الذكية ليست بديلاً عن المفتي البشري بسبب عدم قدرتها على فهم نية المستفتي والخصوصيات النفسية والاجتماعية.
تناول بيبرس التحيز المحتمل في الأنظمة الذكية مثل تحيّز البيانات وضعف الأمان السيبراني، داعياً إلى إنشاء معايير شرعية دقيقة تضمن سلامة المخرجات والإشراف من اللجان العلمية المشتركة.
التكنولوجيا في خدمة الإفتاء: نموذج دار الإفتاء المصرية
تطرق الدكتور محمود شلبي في بحثه “استشراف وتوظيف التكنولوجيا في خدمة الإفتاء” إلى ضرورة دمج التكنولوجيا الحديثة في العمل الإفتائي، موضحاً أهمية ذلك في تحقيق الدقة والسرعة في إصدار الفتاوى. وأكد أن دار الإفتاء المصرية تُعتبر نموذجاً رائداً في هذا المجال، حيث وظّفت العديد من الأدوات التكنولوجية في خدمة الفتوى.
أكد شلبي أن هناك حاجة ملحّة لوضع ميثاق شرف للتكنولوجيا المستخدمة في الفتوى، مما يضمن توازناً بين التقدم التقني والكوادر البشرية المؤهلة.
الدور البشري في الفتوى مقابل الذكاء الاصطناعي
في ختام الجلسة، تناول الدكتور محمد عبده أبو المعاطي الأدهم الفارق بين دور المفتي البشري والذكاء الاصطناعي في فهم احتياجات المستفتين. وأكد أن العقل البشري قادر على إدراك الجوانب الإنسانية التي لا تستطيع الأنظمة الذكية تمييزها.
دعا الأدهم إلى ضرورة حصر دور الذكاء الاصطناعي في مساعدة المفتي، مشدداً على أهمية تدريب العلماء على كيفية التعامل مع الأخطاء الناتجة من الأنظمة الذكية.
يقدم هذا النقاش في مؤتمر الإفتاء العاشر رؤية متكاملة حول كيفية توظيف التكنولوجيا لخدمة الدين، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على القيم والمبادئ الشرعية في ممارسة الإفتاء.