موسم الإخفاق يثير الغضب داخل نادي المريخ والاتحاد السوداني يتدخل

واختتم المريخ موسمه الكارثي بالخروج من نهائي كأس السودان بعد أيام قليلة من تعرضه لهزيمة ساحقة في الدوري الممتاز، ليمنح اللقب لغريمه الهلال.
بعد خروجهم المبكر من دوري أبطال أفريقيا ونهاية مخيبة للآمال للموسم المحلي، أعربت جماهير المريخ عن غضبها من إدارة النادي، ما أدى إلى استقالة جماعية لمجلس إدارة النادي، بما في ذلك رئيس النادي عمر النمير.
بالعودة إلى السودان، كان المريخ بحاجة فقط إلى التعادل أمام الهلال للتتويج بلقب الدوري الممتاز بنظامه الخاص، لكنه خسر 4-0، تاركًا اللقب لغريمه التقليدي.
قرر المريخ الانسحاب من نهائي كأس السودان في بورتسودان، ليسمح للهلال بالفوز بالبطولتين على أرضه ويدخل الشياطين الحمر في أخطر أزمة إدارية في تاريخه العريق.
أدت سنوات من الفوضى الإدارية في المريخ إلى تعاقب سريع لعدة رؤساء. تناوب على القيادة كل من عمر النمر، وأيمن أبو جيبان، وآدم سوداكال، وحازم مصطفى، حيث ادّعى كلٌّ منهم أنه “الرئيس الشرعي” في حضور الآخر.
كما أسفرت الحرب السودانية عن خسائر فادحة، وانتقل العديد من نجوم الفريق إلى الدوري الليبي، كما انتقل حارس المرمى السوداني محمد مصطفى إلى تنزانيا.
ولم يقنع مستوى المحترفين الأجانب أغلب جماهير المريخ.
سادت أجواء متوترة داخل مجلس الإدارة نتيجةً لتبادل الاتهامات بنقص التخطيط، كما أعاقت التغييرات الإدارية المتكررة الاستقرار الفني. وكان تعيين المصري شوقي غريب مديرًا للفريق مؤخرًا أمرًا جديرًا بالملاحظة.
منقذ الحياة
ودفع هذا الارتباك لجنة إدارة الاتحاد السوداني لكرة القدم للتدخل وإلقاء طوق نجاة.
اتخذت اللجنة قرارات صارمة تهدف إلى منع انهيار النادي قبل فترة الانتقالات الصيفية التي تبدأ في أغسطس. وشملت هذه القرارات تعيين طارق عثمان الطاهر رئيسًا للنادي، وتشكيل لجنة إدارية لإعادة هيكلة “البيت الأحمر” وتوفير تمويل طارئ لإنقاذ المريخ من مأزقه الحالي.
المريخ بلا أسنان
اشتهر المريخ بأدائه التنافسي وحماسه الشديد على مدار تاريخه الممتد لأكثر من 100 عام، حيث أنتج نجومًا لامعة في كرة القدم السودانية مثل كمال عبد الوهاب، والفاضل سانتو، وحامد بريمة، وفيصل العجب، وكمال عبد الغني، وجمال أبو عنجة، وآخرين.
لكن في نظر الكثيرين أصبحوا فريقا لا يقاتل من أجل الفوز، ويخسر بسهولة، ويفتقر إلى النجوم الكبار القادرين على إحداث الفارق، ويقبل الهزيمة.
وقال لاعب المريخ، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه يشعر بحزن شديد لما حدث في القلعة الحمراء، مضيفاً أن الوضع الإداري وغضب الجماهير أثر بشكل كبير على تركيز اللاعبين.
نحاول التركيز على أرض الملعب، لكن الوضع خارجه يُقلقنا. نحتاج إلى بيئة مستقرة لنقدم أداءً جيدًا. الوضع الحالي يُسبب لنا الهزائم ويحرم جماهيرنا من السعادة، كما أضاف.
ويرى بعض النقاد الرياضيين أن المريخ تخلى عن أهم لاعبيه الدوليين دون إجراء أي تغييرات تليق بالنادي بعد رحيل نجومه إلى الدوري الليبي أو التنزاني.
قال نائب رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم محمد سيد أحمد أحمد الجاكومي، لـ«الشرق»، إن اللجان القضائية في نادي المريخ فقدت شرعيتها القانونية مع انتهاء فترة الانتخابات التي بدأت في مارس 2021 واستكمال فترتها الممتدة لأربع سنوات (2022-2025)، بحسب النظام الأساسي للاتحاد.
وأوضح الجاكومي أن أي قرار يتعلق بتعيين لجان الإدارة أو التطبيع هو من الناحية القانونية من اختصاص الجهات المختصة ويجب أن يتخذ وفق الإجراءات المنصوص عليها في النظام الأساسي للاتحاد السوداني لكرة القدم.
وأوضح أن الاتحاد يتابع عن كثب تطورات الأمور في نادي المريخ، ويجري مشاورات موسعة مع الأطراف ذات الصلة بهدف الوصول إلى اتفاق مشترك لإدارة النادي تحت مظلة واحدة من الآن فصاعدا.
وأضاف الجاكومي أنه في حالة عدم التوصل إلى اتفاق أو عدم الشرعية فإن الاتحاد السوداني لكرة القدم يملك صلاحية تعيين لجنة تطبيع لمدة ستة أشهر لضمان الاستقرار الإداري، وفقاً لنظامه الأساسي.
وأكد أن الاتحاد على استعداد لدعم نادي المريخ أحد ركائز الكرة السودانية، والعمل على إخراج النادي من أزمته الحالية بما يلبي تطلعات جماهيره.
وجهة نظر الإدارة المستقيلة
أوضح هيثم كابو، المستقيل من مجلس إدارة نادي المريخ الرياضي، لـ«العشق الأوسط»، الشؤون الداخلية للنادي، قائلاً إن العمل الإداري في الأندية الرياضية، خاصة في الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، «يجب أن يقوم على روح التطوع والانتماء، وليس على التشبث بالمناصب أو المصالح الشخصية».
وأوضح أوزتورك أن العمل في إدارة النادي “مدفوع بالحب والعاطفة والشعور بالانتماء”، مضيفًا: “يسعى كل مدير إلى تقديم الأفضل، ليس فقط بشكل فردي ولكن في إطار مجلس الإدارة”.
وقال كابو إن الدعوات لقيادة النادي بوجوه جديدة لا يجب أن تقابل بالرفض أو التشبث بالمناصب، بل يجب تقييمها بموضوعية، “لأن هذه البدائل ربما تجلب نجاحا أكبر”.
الهدف ليس تحديد من سيدير النادي، بل ضمان استمرارية المؤسسة ورضا الجماهير، سواءً من خلال مجلس إدارة منتخب أو لجنة إدارية.
وأكد المريخ أن “ظروف الحرب تتطلب بعض الواقعية”، داعيا أنصاره إلى “التكاتف وعدم الضغط على مجلس الإدارة القادم”، مضيفا “العمل الإداري ليس بمنأى عن الخلل والفشل، ومن الأفضل أن نشعل شمعة من أن نلعن الظلام”.
وصف كابو قرار مجلس إدارة النادي في يناير 2023 بتعيين عمر النمر رئيسًا للمريخ بأنه “قرار تاريخي”، قائلاً: “هذا القرار خطوة استراتيجية لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: استمرار النشاط الرياضي كرمز لبقاء السودان وهويته الثقافية والرياضية؛ ولمّ شمل اللاعبين المشتتين في لهيب الحرب، وتأهيلهم فنيًا ومعنويًا؛ والبحث عن دوري بديل في دولة أفريقية لحماية عقود اللاعبين وضمان مشاركة الفريق القارية”. وقد تحقق ذلك بالانتقال إلى الدوري الموريتاني.
“هدفنا الأسمى هو حماية اسم المريخ والسودان حتى تعود الحياة إلى طبيعتها ويحين الوقت لتقييم العواقب وتقديم النقد البناء”.
الفشل المتراكم
اعتبر الصحافي عطاف محمد مختار، رئيس تحرير صحيفة السوداني والصديق المقرب من المريخ، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن تراجع النادي وعدم تحقيقه للبطولات المحلية والقارية يعود إلى «غياب الإدارة الفاعلة».
“المريخ كان قاب قوسين أو أدنى من الفوز في مباراته أمام الهلال، أو التعادل على الأقل، لولا إهدار الفرص بسبب الأخطاء الإدارية المتكررة”.
وأشار مختار إلى أن الأزمة الحالية التي يمر بها النادي “لم تكن تطوراً مفاجئاً، بل نتيجة تراكم نفوذ أعضاء مجلس الإدارة المستقيلين الذين خدموا في الإدارات السابقة”، وأنهم “لعبوا دوراً مباشراً في تدهور وضع الفريق”.
وقال أيضا إن الإدارة المستقيلة “تفتقر حتى إلى العناصر الأساسية للاحتراف”.
أوضح قائلاً: “أصبحت إدارة كرة القدم علمًا يُدرّس في الجامعات، مع دورات مُعترف بها من قِبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وشهادات دولية. لم يعد مقبولًا أن تُدار الأندية من قِبل أفراد غير أكفاء يعتمدون فقط على حبهم للفريق”. وانتقد بعض المدربين لاعتمادهم على “مهارات غير كافية لتحفيز اللاعبين”. “هذا لا يليق بنادٍ كبير كالمريخ”.
ودعا رئيس النادي إلى تحويل النادي إلى شركة مساهمة عامة أو مؤسسة رياضية، واعتماد نموذج إدارة حديث ومهني، يركز على الاستثمار وخلق موارد مالية مستقرة من خلال الرعايات والمتاجر والمنتجات، حيث يمكن للجماهير المساهمة في تمويل النادي وتطويره.
وقال مسؤولون سودانيون اعترفوا بأن السودان “متأخر في الجوانب الإدارية والرياضية” رغم كونه عضوا مؤسسا في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، إنه من الضروري “استقطاب المواهب السودانية العاملة في الخارج والاستفادة من خبراتها لتطوير كرة القدم المحلية”.