العلماء يؤكدون بداية انقسام قارة إفريقيا إلى جزئين وولادة محيط جديد

منذ 3 أيام
العلماء يؤكدون بداية انقسام قارة إفريقيا إلى جزئين وولادة محيط جديد

تُقدم دراسة حديثة نُشرت في مجلة “نيتشر جيوساينس” دليلاً واضحاً على أن القارة الأفريقية بدأت بالانقسام إلى نصفين نتيجةً لنشاط جيولوجي عميق في باطن الأرض أسفل الجزء الشرقي من القارة، وخاصةً في منطقة عفار بإثيوبيا. هذا الانقسام، الذي قد يستمر ملايين السنين، قد يؤدي إلى نشوء محيط جديد يشق طريقه بين الكتلتين القاريتين المنفصلتين.

تعود جذور هذا الانقسام إلى صدع شرق أفريقيا، وهو نظام من خطوط الصدع يمتد من خليج عدن شمالًا إلى موزمبيق جنوبًا، ويمتد لأكثر من 3000 كيلومتر. تشير القياسات الحديثة إلى أن هذا الصدع يتمدد بمعدل يتراوح بين ستة وسبعة ملليمترات سنويًا. وهذا يدعم فرضية أن شرق أفريقيا في طور الانفصال عن بقية القارة.

من المثير للدهشة أن فريق البحث يقول إن هذه الحركة لا تنتج فقط عن قوى تكتونية سطحية، بل تُحركها حركة تُشبه “نبضات الصهارة” من أعماق الأرض. تصعد هذه النبضات، وهي تدفقات هائلة من الصخور المنصهرة، إلى قاع قشرة الأرض، مما يُضعفها ويُسبب تشققات منتظمة ومتكررة. يُشبّه العلماء هذه الظاهرة بـ”إيقاع نابض” في باطن الأرض يُغير تدريجيًا البنية الجيولوجية لأفريقيا.

تكتسب منطقة عفار أهمية خاصة في هذا السياق، إذ تُمثل نقطة التقاء ثلاث صفائح تكتونية رئيسية: الصفيحة الأفريقية، والصفيحة الصومالية، والصفيحة العربية. هذا التقاء يجعل المنطقة واحدة من أكثر البؤر الجيولوجية نشاطًا في العالم. في عام ٢٠٠٥، انفتح صدع هائل في الأرض بطول ٦٠ كيلومترًا في غضون أيام قليلة، وهو ما يعتبره العلماء مؤشرًا واضحًا على التغيرات السريعة التي تحدث في باطن الأرض.

بالنظر إلى هذه الظواهر المتكررة، يشتبه الباحثون في أن أجزاءً من شرق أفريقيا، بما فيها الصومال، وأجزاء من إثيوبيا وكينيا وتنزانيا، قد تنفصل تمامًا عن القارة في غضون خمسة إلى ثلاثين مليون سنة، لتشكل قارة جديدة مستقلة. وسينشأ بين الكتلتين المنفصلتين محيط جديد، بحجم محيطات العالم الرئيسية.

مع أن هذه التغيرات الجيولوجية ستستغرق ملايين السنين، إلا أن آثارها واضحة بالفعل على السطح: تزايد النشاط البركاني، وتشققات التربة، وتكرار الزلازل في شرق أفريقيا. لذا، يجب على حكومات المنطقة أن تأخذ هذه التطورات على محمل الجد، لا سيما فيما يتعلق بالتخطيط الحضري، والبنية التحتية، والاستعداد للكوارث.

لا شك أن انقسام أفريقيا يمثل حدثًا جيولوجيًا غير مسبوق في التاريخ الحديث. فهو يُذكرنا بأن القارات نفسها ليست كيانات ثابتة، بل تتحرك وتُشكل نفسها على مدى ملايين السنين. وبفضل التقدم العلمي في الأجهزة والرصد الفضائي، أصبح بإمكان العلماء الآن رصد هذه التغيرات بدقة غير مسبوقة والتنبؤ بمسارها المستقبلي.

المصدر: وكالات


شارك