اليوم.. ذكرى ميلاد فاتن حمامة سيدة الشاشة التى صنعت من الفن ضميرًا

منذ 2 أيام
اليوم.. ذكرى ميلاد فاتن حمامة سيدة الشاشة التى صنعت من الفن ضميرًا

اليوم الثلاثاء هو عيد ميلاد سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، ذات الوجه الجميل والموهبة الفريدة. ومن خلال أدوارهم، يمكننا تتبع حياة الفتيات والنساء المصريات في كل مرحلة من مراحل حياتهن.

ولدت فاتن أحمد حمامة في 27 مايو 1931 ونشأت في عائلة مهتمة بالفن. وكان لوالدها أحمد أفندي حمامة ووالدتها زينب هانم دور كبير في رعاية موهبتها. أحبت التمثيل منذ أن شاهدت فيلم “صديق الباشا” وهي في الخامسة من عمرها.

بدأت رحلة فاتن حمامة في عام 1940 عندما فازت بمسابقة أجمل طفل. ونشرت صورتها وهي ترتدي زي الممرضة في مجلة الاثنين. اختارها المخرج محمد كريم لدور “أنيسة” في فيلم “يوم سعيد” مع الموسيقار محمد عبد الوهاب، ودفع لها أجرًا قدره عشرة جنيهات. ولم ينس محمد كريم اكتشافه العبقري فعاد وقدمه مرة أخرى عام 1944 في فيلم “رصاصة في القلب” أيضاً مع الفنان محمد عبد الوهاب. وأعاد تقديمها عام 1946 في فيلم “دنيا”.

آمن عميد المسرح العربي يوسف وهبي بموهبتها ورشحها لدور في فيلم “ملاك الرحمة” ثم في فيلم “القناع الأحمر”. نصحها بالالتحاق بمعهد الدراما، وكانت أصغر طالبة في السنة الأولى.

امتدت مسيرتها الفنية لأكثر من ستة عقود، ظهرت خلالها في 97 فيلمًا ومسلسلين تلفزيونيين وعملت مع 34 مخرجًا مشهورًا. قدمها حسن الإمام في 12 فيلماً أغلبها ميلودرامية، بينما ساعدها زوجها الأول عز الدين ذو الفقار في الانتقال إلى الأدوار الرومانسية ومنح أدائها بعداً جديداً. أما المخرج يوسف شاهين فقد منحها سمات مختلفة في أفلامهما الستة مجتمعة، مما قادها إلى آفاق فنية أعمق وأكثر تنوعاً. وكانت أيضًا بطلة أشهر أفلام كمال الشيخ، وعملت مع المخرج صلاح أبو سيف في خمسة أفلام جسدت فيها صورة المرأة المصرية في الخمسينيات. ومع ذلك، يبقى تعاونها الأكثر شهرة وتأثيراً مع المخرج هنري بركات، الذي لعبت معه الدور الرئيسي في 16 فيلماً. ومن خلال هذه الأفلام نجح في كسر الأنماط التقليدية وتصوير المرأة في السينما المصرية بشكل أكثر ليبرالية وواقعية.

لعبت أول أدوارها كفتاة مضطهدة في أربعينيات القرن الماضي، على سبيل المثال في “اليتيمين” و”ظلمني القوم” و”ابن النيل”. وفي الخمسينيات من القرن العشرين، تطورت لتصبح فتاة رومانسية حالمة، كما في فيلمي “موعد للحب” و”أيامنا الجميلة”. وفي ستينيات القرن العشرين، تطورت لتصبح فنانة تعاملت بعمق وشجاعة مع القضايا الاجتماعية، على سبيل المثال في “دعاء الكروان”، و”الحرام”، و”الباب المفتوح”، و”لا وقت للحب”.

لقد برعت في تجسيد جميع أنواع الشخصيات النسائية، مما أكسبها لقب “سيدة الشاشة” لسبب وجيه. لقد رأت كل امرأة مصرية في أدوارها انعكاسًا لنفسها وحياتها وأحلامها وتحدياتها، ووجد كل رجل فيها صفات أخته وزوجته وحبيبته وجارته وصديقته، متجسدة في صدق ووفاء نادرين.

تميزت فاتن حمامة بقدرتها الفائقة على التنويع، وتجسيد الشخصيات المختلفة بمرونة ملحوظة ومهارة فنية كبيرة. ثمانية من أفلامها موجودة ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

مثلت مصر في العديد من المحافل الدولية وشاركت كعضو لجان تحكيم في مهرجانات موسكو وكان والبندقية وطهران وجاكرتا والإسكندرية والمغرب.

كانت فاتن حمامة بارعة في تحويل الأدب إلى صور حية. ويضم أكبر عدد من الروايات المتحولة إلى أفلام، بما في ذلك الأعمال الأدبية لكبار الكتاب أمثال تولستوي، وطه حسين، وتوفيق الحكيم، وإحسان عبد القدوس، ويوسف إدريس، ولطيفة الزيات، وغيرهم.

تزوجت لأول مرة عام 1947 وهي في السادسة عشرة من عمرها من المخرج عز الدين ذو الفقار، إذ كانت الطالبة معجبة بالأستاذ. انفصلا بعد سبع سنوات وفي عام 1955 تزوجت من الممثل عمر الشريف بعد أن اعتنق الإسلام من أجلها. ورغم طلاقهما، تظل قصتهما واحدة من أشهر قصص الحب في تاريخ السينما.

وفي عام 1977 تزوجت من الدكتور محمد عبد الوهاب أستاذ الأشعة بمستشفى قصر العيني، بعد صداقة بدأت في سبعينيات القرن الماضي. استمر زواجهما حتى وفاتها.

وفي السنوات الأخيرة من مسيرتها الفنية، ظهرت في أفلام ذات أدوار معقدة، مثل “أرض الأحلام” و”يوم مرير… يوم حلو”، وكذلك في مسلسلات مثل “ضمير السيدة حكمت” و”وجه القمر”.

لقد ناضلت دائمًا ضد الظلم ورفضته، وكانت بالنسبة للعديد من النساء المصريات بمثابة باب مفتوح يؤدي إلى طريق مسدود. إنه الخط الرفيع بين الرومانسية والإغراء. قدمت الأدوار الرومانسية بطريقة راقية ومميزة للغاية، مما أعطى للسينما المصرية تجسيدًا مذهلاً لمعنى الحب الرقيق الحلو دون إثارة أو خروج عن المألوف.

إن سيرة فاتن حمامة ليست مجرد قصة فنانة عظيمة، بل هي درس شامل في الالتزام والرقي والإبداع. لم تكن مجرد ممثلة فحسب، بل كانت ظاهرة ثقافية وإنسانية وإبداعية شكلت وجدان أجيال بأكملها، ولا تزال شخصية بارزة في الذاكرة الفنية لمصر والعالم العربي حتى يومنا هذا.

توفيت فاتن حمامة في 17 يناير 2015، بعد أن صنعت من الفن ضميرًا، ومن السينما لغة اجتماعية وإنسانية راقية. وعلى الرغم من الخسائر، ظلت وفية لمبادئها.

المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (مينا)


شارك