وفاة الشيخ ربيع المدخلي.. رحيل أحد أبرز رموز الدعوة السلفية في العصر الحديث

في يوم الأربعاء 9 يوليو 2025م، الموافق 14 المحرم 1447هـ، طوت الساحة العلمية والدعوية صفحة من صفحاتها البارزة بوفاة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، أحد أبرز علماء الحديث والدعوة السلفية في المملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي، عن عمر ناهز 95 عامًا هجريًا. وقد شُيّع جثمانه بعد صلاة الفجر في المسجد النبوي الشريف، وسط حضور طلابه ومحبيه، ودُفن في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة.

من هو الشيخ ربيع المدخلي؟

وُلد الشيخ ربيع المدخلي عام 1351هـ / 1933م في قرية الجرادية التابعة لمنطقة جازان جنوب السعودية، ونشأ في كنف والدته بعد وفاة والده وهو رضيع. رغم ظروفه الصعبة، ظهرت موهبته العلمية مبكرًا، خاصة في علوم الشريعة والعقيدة.

المسيرة العلمية للشيخ ربيع المدخلي

بدأ الشيخ ربيع تعليمه في المعهد العلمي بصامطة، ثم التحق بكلية الشريعة بالرياض، قبل أن ينتقل إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة حيث تخرج منها بدرجة البكالوريوس بامتياز عام 1384هـ. واصل مسيرته الأكاديمية بحصوله على الماجستير من جامعة الملك عبد العزيز برسالة علمية بعنوان "بين الإمامين مسلم والدارقطني"، ثم نال الدكتوراه بتحقيق كتاب "النكت على ابن الصلاح" لابن حجر العسقلاني.

تدرج في السلك الأكاديمي ليشغل مناصب بارزة، أبرزها رئاسة قسم السنة في الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية.

مشايخ الشيخ ربيع المدخلي.. تتلمذ على كبار العلماء

نهل الشيخ ربيع من علم عدد من أبرز علماء الأمة في القرن العشرين، ومنهم:

• الشيخ عبد العزيز بن باز

• الشيخ محمد ناصر الدين الألباني

• الشيخ محمد الأمين الشنقيطي

• الشيخ محمد أمان الجامي

• الشيخ عبد المحسن العباد

وقد أثر هؤلاء في منهجه العلمي والدعوي، خاصة في ترسيخ العقيدة السلفية.

مؤلفات الشيخ ربيع المدخلي وأثرها في الفكر السلفي

اشتهر الشيخ ربيع بغزارة إنتاجه العلمي، حيث ألّف عشرات الكتب في العقيدة والحديث والمنهج، من أبرزها:

• منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله

• بين الإمامين مسلم والدارقطني

• أهل الحديث هم الطائفة المنصورة

• الحد الفاصل بين الحق والباطل

• أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره

وتُعد هذه الكتب من أعمدة التيار السلفي المعروف باسم "المدخلي"، والذي ينسب إليه، ويركز على طاعة ولاة الأمر ونقد الجماعات الإسلامية المخالفة للسلفية.

أقوال كبار العلماء في الشيخ ربيع المدخلي

نال الشيخ ربيع إشادة كبار علماء السلفية في عصره، حيث قال عنه:

• ابن باز: "من خيرة أهل السنة والجماعة"

• الألباني: "حامل راية الجرح والتعديل في العصر الحديث"

• ابن عثيمين: "صاحب سنة وحديث، وهو على منهج السلف"

• مقبل الوادعي: "من أصدق الناس في كشف حال الجماعات المتسترة"

• الفوزان: "بيّن منهج الأنبياء بوضوح وردّ على المناهج المخالفة"

وفاة الشيخ ربيع المدخلي.. نهاية مرحلة وبقاء الأثر

توفي الشيخ ربيع المدخلي في المدينة المنورة، بعد مسيرة علمية امتدت لعقود، تميزت بالحزم والوضوح في المنهج والدعوة. وقد ودّعه محبوه وطلابه في جنازة مهيبة شهدها المسجد النبوي الشريف.

إرث الشيخ ربيع المدخلي بين التقدير والجدل

رحيل الشيخ ربيع يترك فراغًا في الساحة السلفية، فقد كان من الأصوات المؤثرة التي أثارت الجدل بين مؤيد يرى فيه نموذجًا للثبات على منهج السلف، ومعارض ينتقد أسلوبه الحاد تجاه التيارات الإسلامية الأخرى.

ومع غيابه الجسدي، يبقى إرثه العلمي والمذهبي حاضرًا في كتبه وتلامذته، وفي استمرار النقاش حول تأثيره على مستقبل التيار السلفي في العالم الإسلامي.